بقلم\عارف الشرجبي


 بعد أن كثر الأخذ والرد حول ما أسميت  مبادرة علي ناصر محمد التي كانت ضمن مداخلته في مؤتمر فالداي  الذي عُقد مؤخرا في موسكو  وجدت نفسي مشدودا للاطلاع عليها لعلي أجد فيها شيء  يفيد اليمن واليمنيين غير أني لا أخفيكم أني وأنا أتصفح هذه المبادرة قد أصبت بنوع من الإحباط طالما وقد جاءت  من شخص له باع طويل في السياسة وصناعة القرار  وممن حسبوا على البلد ضمن النخبة أو السياسيين وقادة الرأي. 
هذه المبادرة إن جاز لنا أن نسميها كذلك لم تأتي بجديد على الإطلاق بل كانت عبارة عن تجميع أسوى ما جاء في  نقاط ومبادرات سبق تقديمها من أطراف سياسية أو من بعض  دول تحالف العدوان  والتي عرفت بالرباعية ( السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا ) أو مبادرة (كيري )وزير خارجية أمريكا السابق  أو أنها  كانت ضمن الشروط التعجيزية التي طالب بها وفد الرياض في مشاورات جنيف واحد وجنيف اثنين والكويت.
 لقد أراد علي ناصر محمد في هذه المبادرة ( القنبلة الذرية) المبتكرة أن  يدمر ويمزق  ماتبقى من الجسد   اليمني الجريح
 لقد حرص علي ناصر  على تبني طلبات الحراك الانفصالي في موضوع الاستفتاء على الوحدة وبقائها من عدمه وهو بذلك   إما انه يتغابا أو أن عامل السن قد اخذ مأخذه فيه رغم ذكائه الذي أبداه حين اختار عبارة الاستفتاء لتقرير المصير مضيفا عبارة (وفقا لميثاق الأمم المتحدة ) غير انه تناسى أن الاستفتاء الذي يأتي بهذا الشكل  وتحت هذه العبارة  لا يتم إلا في حال وجود أقليات أو عرقيات تعيش في أقاليم معينة مثل كردستان  العراق أو ايرلندا الشمالية أو جنوب السودان الذين يعيشون فيه أغلبية مسيحية في  إقليم واحد ولديهم دينهم الخاص بهم ولغتهم وغيرها من  مقومات ومسببات وذرائع طلب الاستفتاء.
 أما فيما يتعلق باليمن وإمكانية الاستفتاء على وحدته فهذا أمر غير ممكن للعديد من الأسباب التي يدركها علي ناصر وغيره بما فيها  الأمم المتحدة ومجلس الأمن  وذلك لان اليمن دوله واحدة عبر التاريخ ثم أن اليمنيين شعب واحد  متداخل بشكل يستحيل التفريق بين قبائله وأفراده اجتماعيا واسريا  وجغرافيا ومصير مشترك عبر التاريخ 
 ثم هل يمكن أن يتم الاستفتاء على إلغاء دستور الجمهورية اليمنية  الذي استفتى عليه كل أبناء اليمن من المهرة الى الحديدة ومن صعدة الى عدن ليأتي اليوم علي ناصر محمد أو غيره  ليضع مستقبل اليمن بيد قلة من تجار الحروب والمصالح وبعض من جيل الشباب  المغرر بهم في محافظات محددة ليتم تمرير جريمة الانفصال وإلغاء الدستور أو تعديله  عبر هذه المسرحية الهزلية التي يريد البعض القيام بها وكان الناس لا يدركون حقيقة المؤامرة الانفصالية.
 وهنا اطرح سؤالا على علي ناصر أو الذين تفاعلوا مع مسرحيته التي لا تخلو من المكر والاستغفال لأبناء اليمن الوحدويين.. لماذا لم تدينون العدوان صراحة وتطالبوا بفك الحصار المفروض على اليمن منذ سنوات وانتم تنظرون .
 لقد أراد علي ناصر  أن يحجز لنفسه موقع على دكة قطار الانفصال الذي تخطط له بعض الدول العربية والإقليمية  والدولية  أو انه أراد مغازلة أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وعموم الوطن ليتناسوا  مابدر منه في أحداث 13 يناير 1986م. لاسيما الشباب الذين لم يعايشوا تلك المأساة التي صنعها علي ناصر حين أمر حارسه الشخصي بإطلاق الصفارة الأولى للموت والقتل  الجماعي  في اجتماع المكتب السياسي للحزب الاشتراكي  صبيحة 13 يناير الأسود ليحصد ببندقيته الغادرة  خيرة الرجال وأشرفهم .
لقد أراد علي ناصر محمد بمبادرته تلك  أن يصيب العديد من الأهداف برمية واحدة وكأنه قد تعب من سنين الاغتراب فأراد العودة  ليس الى اليمن  أو عدن فحسب بل  الى قصر المعاشيق عبر تأييد شعبي يحلم بتحقيقه عبر هذه المبادرات وبمساندة خارجية  بدا محطتها الأولى من موسكو التي دعمته في عام 86  للتخلص من خصومه السياسيين في الحزب دون جدوى مما اضطر للفرار الى شمال الوطن حاملا عناوين بارزة لماسي وحكايات مؤلمة لا يمكن للزمن تجازوها أو نسيانها مهما تقادمت الأيام والسنين.

وبالعودة الى بعض ماجاء به علي ناصر محمد  في مبادرته فقد طالب ممن اسماهم الجماعات 
 والمليشيات  المسلحة بتسليم الأسلحة الثقيلة  والمتوسطة الى  وزارة الدفاع الوطنية .. عبر لجنة عسكرية يمنية وإقليمية ودولية ليكمل مشروع فرض الوصاية على اليمن كما  أراد في الوقت ذاته  المساواة بين عناصر ومكون الحراك الانفصالي ونخبة حضرموت ومليشيات عبد اللطيف السيد وهاني بن بريك والقاعدة والمرتزقة أراد أن  يساويهم بمكون أنصار الله وحكومة الإنقاذ الوطني  والمجلس السياسي الأعلى  الذين يتهمهم الفار هادي وعصابته  بأنهم  مليشيات انقلابية فقد ظهر علي ناصر ليسير على نفس منوال الاتهام  في  الوقت الذي يدرك علي ناصر أن قوات الإمارات والسعودية تحتل أجزاء واسعة من أراضي وجزر  الجمهورية اليمنية ولكنه تغافل عن ذلك  ودس رأسه في التراب حيال هذا الأمر الخطير 

كما أن عملية تجميع السلاح على الطريقة التي أشار إليها أمر لا يمكن تطبيقه على الإطلاق لاعتبارات عدة منها عدم إمكانية ترك الحدود اليمنية برا وبحرا دون سلاح أو قوات عسكرية حين طالب بتجميعه  الى نقطة واحدة في هذه المحافظة أو تلك وهذا الأمر كم كنا نسمعه من قبل  وفد هادي في جنيف وهم يرددونه صباح مساء دون جدوى.

أمر آخر لفت نظري جاءت به المبادرة التي خلقت ميتة أو أنها جاءت لجس النبض وهذا الأمر  أفصحت عنه عبارة (إقامة دولة اتحادية من إقليمين)

 وهذا لعَمري انه ضرب من الجنان خاصة وقد انكشفت خيوط المؤامرة الانفصالية التي اصطدمت بإرادة شعبية عارمة وبدستور دولة الوحدة وكل قرارات مجلس الأمن  منذ ما قبل وأثناء مؤتمر الحوار  وبعده والتي تؤكد جميعها على أهمية الوحدة اليمنية وضرورة الحفاظ عليها  وبالتالي فهم اليوم سواء الحراك الانفصالي أو البيض  أو العطاس أو الجفري أو علي ناصر محمد يسعون للتخلص من الدستور اليمني الحامل الرئيسي للوحدة اليمنية وأيضا تجاوز تلك القرارات الدولية التي تؤكد على بقاء الوحدة رغم حرص دعاة الانفصال على تجاوز كل ما يحفظ للوحدة بقائها.
الشيء المضحك أن على ناصر  اشترط تقاسم الحقائب والمناصب بين ما اسماه شمال وجنوب  على طريقة محمد علي احمد وياسين مكاوي  وياسين سعودي نعمان  في مؤتمر الحوار بنسبة  50% للشمال ومثلها للجنوب.. أو وفقا لمسودة دستور توكل كرمان وخالد الانسي وبن مبارك  المطبوخ في
 ابوظبي  وبرلين  وكأن علي ناصر  قد دشن أولى خطوات  الانفصال الفعلي متناسي أننا شعب واحد وانه إذا كان هناك من خطا صار من هذا الطرف أو ذلك في هذه المحافظة أو تلك  فيجب أن لا ينسحب على أعظم مكسب لليمن والعرب جميعا وهو الوحدة التي تقف اليوم تلعن كل من  يتآمر عليها.
 واخالني أشاهد قوافل الشهداء الخالدين أمثال علي عنتر و عبد الفتاح اسماعيل  وصالح مصلح وباذيب وشائع و علي صالح والحمدي  وسالمين وقحطان الشعبي  وفيصل الشعبي وراجح لبوزة  وغيرهم ممن كافح وناضل وبذل نفسه رخيصة من اجل اليمن  وإعادة  تحقيق الوحدة اليمنية والذين لو قدر لهم أن يسمعوا مثل هذا الطرح لقاموا من تحت التراب يبصقوا في وجه كل من يتفوه بكلمة الانفصال أو يشير إليه مجرد إشارة.
 
Top